.comment-link {margin-left:.6em;}

Zandaqa-1

Saturday, August 26, 2006

الحرية والخوف

لا يمكن أن أكون أبداً واحداً من أولئك الذين احترفوا العيش في قفص وألفوها إلى درجة العبادة والاعتناق، فكيف لي إذن أن أشاركهم إيمانهم أو أتحرّج إذا ما وصموني بالكفر؟ بل سجّل أني كافر لأني أولاً وأخيراً حرّ ، وأصرّ على حريتي

ولا يمكن أن أكون أبداً من الذين رضوا بالقليل أو بالكثير على حساب كل مبدأ وكل حافز على الإبداع، فتحوّلوا بذلك من بشر إلى علق، فكيف لي أن أحزن إذن عندما ينعتوني بالخيانة؟ بل سجّل أني خائن لأني لا أرضى إلاّ بضميري حكماً، وإن جانبني الصواب أحياناً

نعم، سجّل بأني كافر وخائن لأني لن أعترف أبداً بقداسة التخرّص على حساب الإنسانية، وأولوية الإنتماء إلى أيّ شيء على حساب إنتمائي إلى إنسانيتي؟ الحرية بالنسبة لي هي في المقام الأول حرية من الخوف. لذا، ومهما بلغ بي التعاطف، لا يمكنني أن أشعر بالانتماء إلى وطن قائم على الخوف، وإلى شعب يسمح لنفسه بأن يصطلي بنار الخوف ويتبع الجلاّد إلى ما بعد الهاوية خوفاً من مواجهة الخوف

هل فهمتم الآن معنى زندقتي؟

Sunday, August 20, 2006

التنمية أولاً

هاهي أسرائيل قد فشلت في تحقيق أهدافها في واحدة من أهم معاركها ضد العرب، لكن هذا الفشل لم يؤدي إلى انهيارها، بل ها هم الإسرائيليون يحاسبون المسئولين الذين فشلوا في تحقيق النصر المرجو دون أي تباطؤ، تماماً كما لم نفعل نحن مع الذين خسروا الجولان. بل، وفيما يبدو، يتم اليوم تهيئة الشارع الإسرائيلي لمواجهة جديدة ومطوّلة مع حزب الله، وربما مع سورية وإيران أيضاً.

ولا تبدو هذه المهمّة صعبة لأن الخطاب العنصري الموجّه ضد اليهود الذي نصرّ على استخدامه في إعلامنا، وخاصة عبر قناة المنار، قد ساهم إلى حد كبير على إقناع معظم الإسرائيليين على النظر إلى معركتهم مع العرب على أنها معركة وجودية الطابع من نوع "نكون أو لا نكون." وهذا يسهّل على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تبرير استخدام كل الوسائل والأسلحة وارتكاب أية جريمة من أجل تحقيق النصر وإبقاء العرب على حالة معينة من الضعف والتفتّت من خلال الحروب والهجمات الاستباقية.

لذا، وفي حال قُدّرت لنا النجاة من الحرب القادمةـ التي لم يعد بوسعنا منعها، بوطن قادر على البقاء، فربما توجّب علينا مراجعة نوعية خطابنا وسياساتنا المتعلّقة بعلاقتنا مع إسرائيل، ومع أمريكا، ومع المجتمع الدولي عامة. نحن بحاجة ماسة لتبني سياسات تنموية حقيقية وإلى نبذ خطاب "التنفيس" و "فشة الخلق" الذي طالما خدم مصالح الأنظمة الحاكمة على حساب مصالحنا الوطنية الحقيقية. لأن معركتنا الحقيقية، وهي معركة بالفعل وجودية، هي معركتنا ضد استبداد أنظمتنا وتخلف مجتماعاتنا بل وثقافتنا عن ركب الحضارة المعاصرة.

نحن بحاجة ماسة إلى أن نبدأ، الآن وليس غداً، بالمساهمة وبفعاّلية في صنع الحضارة العالمية لكي نصبح جزءاً حقيقياً منها، وليس مجرّد مخلوقات علقية لا تنتعش إلاّ من خلال إنشاء علاقات طفيلية مع العالم من حولها.

وعلينا أن نذكر هنا أن الأرض، بالمعنى التاريخي للكلمة، والتاريخ كان دائماً أكثر إنباءاً من أي فلسفة مهما بدت وكانت بالفعل سامية، وبصرف النظر عن المفاهيم والمعاني الحقوقية، كانت دائماً لمن يستثمرها ويعمرها، لا لمن يولد عليها فقط. وإلا لكانت كلّ الحضارات السابقة، بما فيها الحضارة الإسلامية، حضارات لاغية وغير شرعية، لأنها كلّها قامت على احتلال أراضي الغير.

هذا لا يعني أن احتلال إسرائيل للأراضي العربية وتدخّل أمريكا المستمرّ في شؤوننا الداخلية أمر شرعي، لكنها انعكاسات طبيعية لصيرورات تاريخية طبيعية بدورها. فعبر التاريخ، وبصرف النظر عن المبادئ والمعايير الأخلاقية، قامت كلّ الدول التي بلغت مرحلة معينة من التنمية والقوة ببسط سيطرتها على الدول المجاورة وبتسييرها بما فيه خدمة لمصالحها إلى ما أمكن لها ذلك.

لذا، وفي حال أردنا أن نتحدّى هذا الواقع، وهذا أمر بديهي بالطبع، كوننا متضرّرين منه، علينا أن نقف أولاً على العوامل التي ساهمت في بنائه. نحن لسنا ضعفاء لأن إسرائيل قوية، ولسنا متخلّفين لأن العالم متقدّم، إن لضعفنا وتخلّفنا عوامل داخلية لا علاقة لها بالعالم الخارجي أصلاً، بل هي التي سهّلت للعالم الخارجي، وماتزال، مهمّة التدخّل في حياتنا وبسط السيطرة علينا والتلاعب بنا حسب مقتضيات مصالح القوى المختلفة فيه.

وليس من المستغرب طبعاً أن تساهم القوى العالمية في الزيادة من إضعافنا في هذه المرحلة للحفاظ على مصالحها في ربوعنا. ولكن، بات علينا أن ندرك، بعد كل هذه العقود من الصراع، أنه لا يتسنّى للقوى الخارجية أن تتدخّل في حياتنا إلا عن طريق استغلالها لعوامل ضعفنا أساساً ومن ثم العمل على الإكثار منها وتجذيرها في حياتنا. وهذا يعني أن الساحة الأولى للصراع هي الساحة الداخلية، وأن معالجتنا لعوامل ضعفنا الأساسية، المتمثّلة في استبداد الأنظمة الحاكمة وفسادها وفشلها المستمرّ في إدارة العملية التنموية في مجتمعاتنا، هو الضرورة الملحّة في هذه المرحلة.

التنمية أولاً، التربية أولاً، الحرية من الظلم والفساد الداخلي أولاً. كل الأشياء الأخرى يمكنها أن تنتظر، نعم، بما فيها الأرض المحتلّةن خاصة في الوقت الذي تبدو فيه الخيارات الوحيدة المطروحة على الساحة هي الخيارات العسكرية، والتي أثبتت بأنها العدو الأول والأساس لعمليات التنمية وللنضال ضد استبداد وفساد الأنظمة.

Friday, August 18, 2006

السؤال

غالباً ما تبدو شعوبنا، ولأسباب عدة نابعة من مستوى التنمية أكثر منها من الثقافة، أكثر انشغالاً بالتفكير باحتياجاتها الأساسية منها بحقوقها المهدورة، إلا في حال كان "للغرباء" أو "للخارج" علاقة بهدر الحقوق، ففي هذه الحال، قد تضع شعوبنا احتياجاتها جانباً لفترة قد تطول من الزمن تقوم خلالها بالنضال من أجل الحقوق وبتقديم الكثير من التضحيات في هذا الصدد

لكن الرابط القوي بين هدر الحقوق على الجبهة الداخلية وهدرها على الجبهة الخارجية ما يزال أمراً خفياً على شعوبنا، وهو، في واقع الأمر، يشكّل أحد العوائق الأساسية أمام التغيير السياسي في العديد من الدول. ولم تكن المحاولات الدؤوبة لتوعية الشعوب فيما يتعلّق بهذا الأمر أبداً بالأمر السهل

بل كان لهذه المحاولات، في بعض الأحيان، مفعولاً عكسياً، لأنها أدت إلى تشكيل قناعة شعبية إلى حد كبير بوجود مؤامرة حقيقية ما بين الأنظمة الحاكمة والقوى الخارجية تهدف لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ولإبقاء الشعوب مستعبدة، ولسلب خيرات البلاد وخاصة النفط. وبالتالي، تشكّل عند الكثيرين قناعات قدرية الطابع تقضي بلا جدوى محاولات التغيير من الداخل، وذلك لأن الأنظمة، بغض النظر عن كل الانتقادات الخارجية الموجّهة إليها، تبقى محمية من الخارج الذي يبقى هو وحده القادر على التغيير إذا اقتضت مصالحه ذلك

لذا، هناك غضب حقيقي وعارم وشعبي في المنطقة ضد الخارج، وضد أمريكا بالذات، بسبب علاقاتها الشائكة مع الأنظمة الحاكمة، ومع إسرائيل، وبالتالي لمساهمتها الحقيقية في هدر الحقوق ونهب الثروات في المنطقة، مما يسهّل على الكثير من الأنظمة مهمّة افتعال الأزمات مع الخارج للخروج من مآزقها الداخلية المتكرّرة

والسؤال، كيف يمكننا في هذه الأجواء أن نقوم بمحاولة حقيقية للتوعية تهدف لإقناع الناس بضرورة التركيز على الوضع الداخلي أولاً من أجل بناء قدرة حقيقية على مواجهة الخارج ومؤامراته، الحقيقية منها والمتوهّمة، ثانياً؟

Monday, August 07, 2006

البوم

ما زالت الصيحات تتعالى كل يوم داعية لفتح جبهة الجولان، وهاهو وزير خارجيتنا المغوار يعلن من بيروت بأنه "أهلاً وسهلاً بالحرب الإقليمية." ترى، هل تجرّ الصعوبات التي تلقاها إسرائيل في لبنان اليوم قادتنا الأغرار إلى الاعتقاد بأن الحرب ضد إسرائيل هي الخيار الأفضل، بصرف النظر عن الخسائر المادية والإنسانية المحتملة؟ هل بدأ حلم النصر العسكري على إسرائيل يداعب أجفان قادتنا الأشاويس مرة أخرى؟ وهل يعتقد هؤلاء القادة بأن الصعوبات التي تلقاها أمريكا في العراق اليوم ستجعلها عاجزة عن مساعدة إسرائيل؟ هل بدأ فعلاً العد العكسي نحو أرمجدون؟

إذا أن الأمر كذلك حقاً، فهذا يثبت أن قادتنا ليسوا من فصيلة الأسود، بل هم بوم ولا يمكنهم أن ينتعشوا إلا في الخراب والمقابر

Sunday, August 06, 2006

من يريد دمار الوطن؟

ترى، ماذا سيحدث لسورية لو سمح النظام الأسدي بفتح جبهة الجولان الآن وقد كثر المطالبون بها الأمر؟ هل بوسع جيشها المهترئ التصدّي لعدوان إسرائيلي قد يأتي كردة فعل محتملة على هذا القرار؟ وهل بوسع سورية أن تعيد بناء نفسها بعد أن يقوم الطيران الإسرائيلي المدعوم أمريكياً بتدمير بنيتها التحتية؟ أم، هل تمثل قدرتنا الصاروخية القادرة على بلوغ تل أبيب رادعاً كافياً ضد إسرائيل، بحيث يبقى فتح الجبهة بمثابة حرب استنزاف، ويصبح السؤال هنا متعلّقاً بجاهزية سورية السياسية والبنيوية والاقتصادية والاجتماعية لخوض حرب استنزاف جديدة ضد الكيان الصهيوني؟

ولكن، ربما كان السؤال الحقيقي فيما يتعلّق بهذا الأمر هو: هل نريد أن نقامر ونغامر ونواجه احتمالات كهذه فعلاً؟ هل نحن على استعداد لدفع ثمن قرار من هذا النوع ؟

إذا كان الجواب بلا، فعلينا في هذه الحال أن نفكّر في حكمة هذا التكرار المستمرّ لنداء فتح الجبهة والذي باتت تتبنّاه قوى وتيارات علمانية وإسلامية وقومية مختلفة في البلد، وعلينا أن نطالب النظام بأن يكون له موقفه الواضح من هذا الأمر الآن وقبل أن تخرج الأمور عن سيطرة الجميع ونجد أنفسنا مركزاً لصراع أشرس وأعنف من كل ما جرى من حروب في المنطقة حتى الآن

Thursday, August 03, 2006

الثورة

القبول بالأمر الواقع هو الخطوة الأولى نحو التمرّد والثورة، ولا يمكن للتمرّد والثورة أن يبدءا إلاّ من هنا. وإذا كانت معظم الثورات الإيديولوجيا قد اندلعت وفقاً لمنطلقات نظرية وهمية، فلا شكّ في أن مردّ فشلها هو هذه الحقيقة بالذات. لذا، وإذا ما أردنا أن يكون لثورتنا من أجل الحرية والعدالة والتنمية في المنطقة فرصة حقيقية في النجاح، لابد لنا من تجاوز أخطاء الثورات الإيديولوجية وأن ننطلق بثورتنا المرجوة من الواقع وأن نعيد، بالتالي، ترتيب أولوياتنا بما يتناسب مع معطياته، مهما كانت قاسية وظالمة، ومهما بدا درب التغيير طويلاً. فالدرب يطول أكثر مع كل انطلاقة خاطئة للثورة، وما أكثر هذه الانطلاقات في تاريخنا المعاصر