.comment-link {margin-left:.6em;}

Sunday, October 01, 2006

مراسلات هرطوقية

عن أمارجي

إذا ما كان مثقفونا اليساريون يحسبون أنفسهم شهداء القضية العربية الحديثة الأحياء، وآخر من يحملون راية قيم العدالة الاجتماعية والاستقامة الثقافية الحقّة، كائناً ما كان تعريفهم للحقيقة والاستقامة (وهو موقف قد يجلب لهم يوماً ما بعض التعاطف الشعبي، وإن كنت أشكّ في ذلك)، فإننا، نحن المثقفون الليبراليون، أعني المثقفين الليبراليين الحقيقيين، أي أولئك الذين تجدهم حتى الأذواق الاشتراكية مفرطين في علمانيتهم، وأولئك المعنيين بحقوق الفرد إلى الحدّ الذي يحول بينهم وبين تبنّي أيّة عقيدة، لسنا سوى خيالات مآتة وغيلان سوف يحتقرها الجميع ردحاً طويلاً من الزمن حتى إذا، بل خاصةً إذا، ما انتهت الأمور إلى إثبات أننا على حقّ.ـ

إذ، يبدو أننا انقطعنا عن جذورنا الثقافية المزعومة إلى حدٍّ بات يحول دون أن نُفْهَم أو أن نُقدَّر. والحقّ، أنّ الناس لا يفهمون لماذا نلحّ على أننا لا نزال عرباً، على الرغم من كفّنا عن المصادقة على عقلية الزهو وخطاب الضحية الذي غدا منذ زمن بعيد جزءاً لا يتجزأ من الهوية العربية الحديثة. فهذه الهوية، بالنسبة لمعظم الناس، هي عقيدة، عقيدة بالغة التحديد، لها منظومة القيم الخاصّة بها وسنّتها الأخلاقية الخاصة، بل وتعاليمها الباطنية الخاصة لا يقوى على فهمها سوى أولئك المطّلعون على أسرارها ممن يستطيعون أن يتلقنّوا تلك التعاليم ويقدّروها حق قدرها عبر نوع من التعاليم المبّسطة المعاد تجديدها. ولا مجال هنا للتعمّق، بل للوهم وحده. ونحن نُلْعَن لأننا لم نعد نقاسم الآخرين مثل هذا الوهم.ـ

لقد غدونا أشدّ ليبرالية من أن نواصل بقاءنا ضحايا لهذا الوهم المحدَّد. غدونا أشدّ ليبرالية من أن نتلاءم مع الرؤية والخطة القومية لدى جميع الآخرين، من يساريين، وإسلاميين، وأنظمة، وسلطات قائمة، وتلك التي لا يمكن قطّ أن تقوم.ـ

غير أنه من الواضح أنَّ رؤيتنا حيال المنطقة، والتي لا تقوم، بعكس العقائد والتصورات الشعبية المتعلّقة بنا، على مجرد نسخ كل ما هو غربي ولصقه في ربوعنا، هي أشدّ غرائبية من أن تتحقق خلال أعمارنا. فالحداثة سبق لها أن صُدِّرت / استُورِدَت، بكل مجدها الغربي، وكل ما يبقى في الحقيقة هو أن يتمّ تمثّلها تماماً. ولو نظرنا إلى حال المُنْتَج الذي يجري هضمه، وإلى حال جهازنا الهضمي في هذه الأيام، فسوف نجد أنّ هذه العملية مُقدَّر لها أن تكون بالغة الصعوبة والألم.ـ

ولذلك فإنَّ أفضل ما يمكن أن نكون عليه في هذه المرحلة هو الذبابة المعمّرة في مرهم الآخرين جميعاً، وأن نأمل بأن نتمكّن، من خلال العرق وحسب، وربما بعض الدماء، من أن نطلق سيرورة اختمار جديدة يمكن أن تصبح شرارة مجيء جديد أو ولادة جديدة. ولعلنا ننتهي لنثبت للجميع هنا بأن المسيح المُنتظَر هو نحن. فليس بمقدورنا، في الحقيقة، أن نصبح أكثر ليبرالية من أن نحتفظ بعقدة المسيح، فهذه العقدة هو السبب الأساسي لاهتمامنا المستمرّ بالمنطقة ومستقبلها في الحقيقة، وهي السبب في أننا لا نزال عرباً في الصميم، مهما تكن طبيعة العقيدة العربية الجديدة.ـ


1 Comments:

Blogger عشتار said...

في الاشهر الاخيرة وجدتني اعود كثيرا لجذور انتمائي العربي اللذي تربيت علية واقارنة بالمفهوم الجديد للقومية العربية المشوب بعوامل دينية والمعادي بشكل اعمى لكل ما هو غربي والمتمثل بصورة الضحية
واكتشفت انني قد انزويت لمدة سنين طويلة في عزلة فكرية
في داخل هذا المجتمع المدجن على المسلمات , عزلة احاول جاهدة التحرر منها ولكن في كل محاولة اجدني في حوار اصم
لا ادري ماذا يحصل في بقية البلدان العربية ولكن في مصر حمى الدين باتت استحواذية الى حد الرعب
http://orientaleve.blogspot.com/2006/10/blog-post.html

Monday, October 02, 2006  

Post a Comment

<< Home