.comment-link {margin-left:.6em;}

Saturday, September 02, 2006

الليبراليون والخلاص

إذا كان المثقفين اليساريين يحبّون أن يصوّروا أنفسهم هذه الأيام على أنهم شهداء القضية العربية الأحياء وآخر حاملي رايات قيم العدالة الإجتماعية والأصالة الثقافية الحقيقية، بصرف النظر عن تعريفهم للحقيقة والأصالة هنا، وإذا تسنّى لموقفهم هذا أن يحظى يوماً بتعاطف شعبي، وإن بقي هذا الأمر مستبعداً، فإن المثقفين الليبراليين الحقيقيين، أي المثقفين الذين هم أكثر علمانية حتى مما يمكن للأذواق الاشتراكية أو الشيوعية أن تتقبله (إذ يؤمن الليبراليون بفصل العقيدة مهما كانت عن الدولة)، وأكثر اهتماماً بحقوق الفرد مما يمكن للأديان التقليدية أن تعطيه، وذلك مهما تمّ تحديثها وتعديلها، فإن هؤلاء الليبراليين يمثلون فزاعات وغيلان العالم المعاصر الذين سيبقون رهن الاحتقار في المنطقة ولفترة طويلة قادمة وذلك حتى، بل خاصة، في حال، أثبت الزمن أنهم كانوا على حقّ.

فقد أصبح المثقفون الليبراليون منقطعين تماماً عن جذورهم الثقافية المزعومة بحيث صار من الصعب فهمهم واستيعابهم من قبل أغلبية الناس، وفي الحقيقة يبدو أن الناس تجد صعوبة في تصديق وتقبّل تعلّق الليبراليين المستمر بالعروبة، نظراً لعدم تبنّيهم لذلك المزيج الغريب المؤلّف من منطق الغرور الحضاري ومنطق وعقلية الضحية الذي أصبح منذ زمن أحد العلامات المميّزة للهوية العربية المعاصرة. لقد أصبحت العروبة بالنسبة لمعظم الناس، مثقفين وعوام، بمثابة دين جديد محدّد، له قيمه الثابتة وأخلاقياته بل وتعاليمه السرّانية الخاصة والتي لايمكن تعليمها إلا للمنخرطين في الطريقة، وذلك وفق آلية قديمة مستحدثة من الخطاب التوجيهي الذي لا يترك مجالاً حقيقياً للمناقشة الحرّة والتأمل ونقد الذات. وحده الوهم الذي يصوّر لصاحبه أن خياراته جاءت نتيجة تحليل موضوعي وعقلاني هو الذي يبقى.

لكن ما يجعل الليبرالي ليبرالياً هو توصّله في مرحلة ما من عمره إلى قناعات جديدة غير قابلة للتعايش مع وهم من هذا النوع. لذا، يبدو الليبراليون غير قادرين البتة على الانسجام مع الرؤى والمخطّطات الوطنية لكل من حولهم من يساريين، وإسلاميين، وعروبين، وأنظمة حاكمة، وقوى فاعلة في العالم، وتلك التي لا يمكن لها أن تصبح فاعلة مهما رغبت وحاولت.

في حين يبدو واضحاً أن رؤيتهم الخاصة للمنطقة، وهي، خلافاً للانطباع السائد عنها لا تدعو إلى مجرّد نسخ وتقليد الحضارة الغربية في ربوعنا، هي أكثر غرائبية من أن تتحقّق في حياتهم. وفي الواقع، يبدو أن استيراد أو تصدير الحداثة بشكلها الغربي المجيد أمر قد تم بالفعل، وما يبقى اليوم هو مجرّد عملية هضم لها. ونظراً لنوعية المنتج الذي يتم هضمه، ولحالة الجهاز الهضمي عندنا في هذه المرحلة يبدو من الواضح أن هذه العملية ستكون طويلة ومؤلمة.

لذا، ربما كان أفضل إنجاز ممكن لليبراليين في هذه المرحلة هو أن يصرّوا على أن يكونوا مصدر النشاز الوحيد في جوقة الأوهام السائدة، فقد يتمخّض إصرارهم هذا مع الأيام عن ولادة جديدة لعالم جديد نحن بأمس الحاجة إليه، وبالتالي قد يتحقّق خلاص المنطقة على أيديهم هم، مهما بدا هذا الأمر بعيد المنال اليوم. إن كل ليبرالية الدنيا لا يمكن لها أن تخلّصنا من حاجتنا إلى الخلاص ومن عقدته المتوغّلة في نفوسنا، وربما كان هذا هو مصدر اصرار الليبرالين على الارتباط بالمنطقة وبالعروبة في وجه كل التغرّب الذي يشعرون به وكل الرفض الذي يواجهونه.

4 Comments:

Blogger Amarji said...

عزيزي المواطن السوري في الشرق الأقصى،ــ

مداخلاتك القيمة وآراؤك الثمينة تعطيك حق استغلال كل مدوناتي متى شئت، بل في الواقع كنت قد بدأت بالتساؤل عن غيابك. الدخول في التفاصيل، كما نوّهت، هو الجسر الأساسي للخروج من العموميات وللتواصل مع الشرائح الأوسع. وأنا أتفق معك في كلّ ما قلت، حتى، بل خاصة، في انتقاداتك، والملاحظات التالية هي بمثابة توضيحات أكثر منها ردود.ــ

أي عملية تغيير مجتمعي شاملة وعميقة لا يمكنها أن تبدأ من قمة الهرم، لكنا اصراري مع غيري في التركيز على قمة الهرم في سورية ينبع من نوعية الأزمة التي وضعنا فيها النظام الحالي، ولولا هذا لبقي تركيزي منصباً على بناء "تنظيم ليبرالي"، إن صحّ التعبير، على غرار الحركات الإسلامية التي أشرت إليها كحركة القبيسيات.ــ

الهدف من موقع مجتمع ثروة بالذات هو السماح لأصوات متعدّدة شابة ليبرالية الطابع والتوجه بالظهور على الساحة، وعلى الرغم من مرور عدة أشهر على إصدار هذا الموقع، إلا أننا ما نزال في الطور الجنيني والتجريبي له، هنا إعدادات كثيرة تجري في الخلفية قبل أن نعلن إن إطلاق هذا الموقع على نطاق أوسع. وهناك مواقع ومشاريع أخرى، سنعلن عنها في وقتها، تهدف بالذات إلى التعامل مع مسألة التفاصيل على نحو مبسّط وقادر على التغلغل في الأوساط الشبابية على الأقل، إن لم نقل الشعبية.ــ

وهذا هو ما يشغلني كثيراً هذه الأيام. الانتقال من التنظير إلى العمل بات ضرورة ملحّة جداً جداً، وعلى كل منا أن يفعل ما بوسعه، وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أننا هذه ستشكّل الخطوات الأولى فقط على طريق الألف ميل، لذا، قد لا تبدو هذه الخطوات مثيرة أو مقنعة جداً في هذه المرحلة الحرجة، لأن الوقت مازال مبكّراً لها لترتقي إلى مستوى التحديات الحالية، ومن هنا تشاؤمي فيما يتعلّق بالتطورات الراهنة، وتركيزي على ضرورة الانتقال النخبوي في سورية على الأقل، لكسب الوقت وتدارك أية تطورات أو احتمالات كارثية، إذ لم يعد من الممكن الحفاظ على الوضع الراهن، والنخب الثقافية والسياسية المعارضة ليس جاهزة بعد للتعامل الفعّال مع تحرّك شعبي حقيقي.ــ

Sunday, September 10, 2006  
Blogger welovesyria said...

يا أخي أولا انا شاهدتك على قناة الحرة و كان لقاؤك سينال مشاهدة العديد من السوريين لكن في يومها بدأت الحرب على لبنان على ما أظن
المهم أنا أنشأت هذا اليوزر فقط للكلام معك لانك محدد فقط البلوغر
المهم انتم السورييون في أميركا للأسف يظن الكثير في سوريا بأن كل سوري أمريكي يتكلم بالسياسة فهو عميييييل و ماشابه فقط يحب أن تعملو على محو هذه الفكرة مع أن المهمة صعبة أرجو الرد على نفس هذا البلوغ لأني لا أدخل على البلوغ welove syria
مهماكان الى الامام اللله يوفقكم بس الغريب ليش بشار وجماعتو بيقولو انكم بتكرهو سوريا و ما بتريدولها الخير طب انت مو سوريين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Tuesday, September 12, 2006  
Blogger Amarji said...

شكراً على دعمك أخي العزيز،وبالفعل جاء اللقاء على قناة الحرة في وقت غير مناسب، ومع ذلك وصلتني ردود كثيرة مشجعة بعدها، ولكن، معك حق، الانطباع العام عن المعارضين السوريين في أمريكا يبقى سيئاً إلى حد ما، ويلزمنا بالفعل أن نجد طرق للتواصل مع الناس في الداخل بحيث تكون رسالتنا ومواقفنا بالنسبة لهم أكثر إقناعاً. أعتقد أننا قادرين على تحقيق بعض النجاح في هذا المضمار مع الوقت، المهم، أن لا يتداركنا الوقت وتداركنا الأحداث التي تسير بسرعة كبيرة فعلاً.ـ

Tuesday, September 12, 2006  
Blogger welovesyria said...

الموضوع ليس حكم فردي فقط وإنما هناك شيئ غامض في مبدأ التعيينات سواء كان في الوزارة أو غيرها
فمثلا
صلة القرابة الغريبة بين السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد الرئيس
أيضا هناك شخص ما يدعى فيصل كلثوم بات يتبوأأعلى المناصب وهو أيضا عضو مجلس شعب فقد كان يوما ما ولفترة زمنية طويلة مدرسا في كلية الحقوق إسأل طلاب كلية الحقوق كيف كانو ينجحون بمادته و هناك الكثير من الامثلة
أنظر مثلا السيدة الوزيرة ديالا من هو زوجها و بماذا كان متهم يوما ما
أضف على ذلك عدد هائل من الوزراء والشخصيات و المسؤوولين صدقوني لا أتكلم هكذا من باب الافتراء ولكن على السيد الرئيس أن يجد مصادرا أخرى للحصول على معلومات عن مسؤوولين الدولة وليس المسؤوولين أنفسهم
فمن الغريب أن نجد وزراء سابقين ومسؤوولين يستثمرون أموالهم في مشاريع وداخل الوطن وخصوصا الجامعات الخاصة
....
...
..
.

عاشت سوريا

Friday, September 15, 2006  

Post a Comment

<< Home